أوراق خريفيّة لَيْسَت صَفراء


" لا أضيقُ حَريراً بِشَرنَقَتي، ولا يَضيقُ حَريرُك"،
وَعَلى سَبيل الشَوق:
" مَنْ مِنّا يُشَرنِقُ قَبلَ الآخرِ عُزْلَتهُ;  الحَريرُ جائِر"!!.


الورقة الأولى :

أخْلَعُ جَسَدي
قِطْعَةً
قِطْعَةً،
ولا أنْحَني لالتقاطِه؛
فالفراغُ لا يَنْحَني
... الفراغُ ثقيل!.


*******

الورقة الثانية :

مَحشوران داخل  نُواحِ تُفّاحةٍ         
 تَنكَّر المَذاقُ لَها
-لا تُصلّي لِسُكَّرٍ سَيأتي؛
.. فَلا سُكَّرَ هُناكَ يأتي- ،
والفِئرانُ تَقْرضُ فَراشاتٍ خَبَّأها
الرَبيعُ في خَصْري،
وَنرجِسًا  في شَعرِ صَدْرِكَ.
تَدْعوني إلى العَشاء،
 في السّاعةِ الثالثةِ عَطَشًا
بَعْدَ مُنتصفِ الصَيْف.
 وتَكونُ الريحُ، يَكونُ الغبارُ،
 تَكونُ الأوراقُ الصَفْراء ضُيوفًا
 أقولُ:
" أيّنا أخْلَفَ مواعيدَنا معِ  اللوزِ أكثَر ؟"،
تَقول:
" أيّنا استَهلَكَ مؤونَتنَا مِنَ السُكَّرِ أكثَر ؟!"  
وَعِنْدَما لَمْ أُجِب،
وَلَم تُجِب
أو – فَلْنَقُل-... أجَبنا!،
ارتَديتُ لَكَ طيورَ الخريفِ المُهاجِرة.
ارتَديتَ  ليَ السَماء.
وَهَبْنا أقدامَنا ثُلُثَ الكَلام،  
ورَقَصنا حَتّى.. آخر
التُفّاح،
.. لِنَلحقَ السُكَّر.

*******


الورقة الثالثة:

لَوْ يَتَوقَّف عَنْ سُعالِهِ الجارِح.
 يَحْلِق ذَقْنَهُ الليلة
يَشْرَب الشَّاي بالعَسَل؛
-مثلًا-
يُصيخُ القلبَ إلى
"مونامور"،
ويُعيد حِساباتِه مع الأرواحِ
قًليلًا 
لَوْ يَتقمص ريشةَ
 ..." دالي"؛
يَرسم قُبَّعةً بَيْضاءَ (مُدَوَّرة)
 لِقرصِ الشَّمْس،
-مثلًا-
 و نَظَّارة .
حَتَّى لا يَنهار مُصابًا
... بِـ"ضَربةِ" شَمْس
لَوْ يَسْتَعير  حُنجرة
..." فَيْروز"؛
وَيُنوِّم  " ريما" .
أو/ لَو:
- يُحالِف المَوْت الحظّ !–
 فَيَقَع في غَرامي
يَعْتَنِقُ قَلْبي ويَلْهَجُ بي.
نُدشِّنُ مَملكة
روحَيْنا.
نُعلِنُ/:الخلود ،
وَ.. نَخْبِلُ الكَوْن!. 
  *******


 الورقة  الرابعة :

ها سَمكٌ ، مَرجانٌ ، اسفنجٌ ومَحارٌ        
تَتَشهّد ،
نَجمةُ بَحْرٍ تُجْهِضُ ضوءًا حَملتهُ إليها   
الحيتان .
زرْقةُ تَتصبَّبُ أزْرَقَ ،
أزرَقَ
أزْرَقَ - مَنْ زُرْقَتِها- فَيموتُ
اللونُ;  يَتَصحَّر.  
مَدٌّ ، جَزرٌ . يَشيخُ يَتْعَب 
مِلْحٌ يُفْرِغُ كُلَّ حُمولَتَهِ; يَكفُرُ بالملحِ ، 
ويَعْتَنِقُ السُكَّر!
عُمقٌ يَتسطَّحُ; يَطفو فوْقَ الأوجاع.
مَوْجٌ يَتكَسّرُ،
نِصفًا، نِصفَينِ، وَنِصفًا
فَوْقَ غيابِكَ .
فَلتشرب- يا بَحْرًا -انتعَلَ الزَبَدَ وَغادر 
اشرَب،
ما خلّفتَ وراءَك مِنْ عَطَشٍ
فَوقَ الشُطآن.
*******


الورقة  الخامسة:

بارِدٌ هُوَ الخذلان،
الذي باغَتَ أصابِعي
وَهيَ تُنَقِّبُ عَنْ زهرة دوّار
شمسٍ        
صَغيرة،
تُشرِقُ في جَبينِكَ،
ويفيضُ زيتُها مِنْ عَيْنيك.

مَنْ حَجَب الشّمس عَنْ أصابِعي
 وَعَنْهَا،
في هَذا الفَراغ
(المدوّر)
ألـ.. كانَ يُسمَّى وَجْهَكَ؟.

*******
الورقة السادسة: 

فُصولُنا ضَيِّقة؛
لا تَتسِع لِعاشقينِ يَدْخُلانِ
طَقْسَ غوايتهما
 الأخير.
والأرضُ ساحَة قَتْلٍ رَحيم ،
يَقفُ العِناقُ
- عَلى أطرافِ شفاهِه  -
نازِفًا فيها؛        
قبْلَةً ،
قُبْلَةً ،
مُتَّهَمًا بالخَريف!.    
يا بَعيدي:
مُكْتظّةٌ هَذي الأرضُ بالأرباب
فَكَفاكَ يَباسًا  حينَ تَمرُّ           
 بِاسمي               
آنَ أنْ نَعْرُجَ في الأكْوان
- عَلى عَجَل-  
آنَ أنْ تَتَجلّى فينا الألوهة
أنْ أحلُمَكَ:
" تمّوزَ كُن"
فَتَكون
وَتَهطِلُني عَشْتارً(ا) ..  
أهُزُّ  إليَّ  بجذعِ  الخَوْفِ
فَأُنْجِبُكَ.

*******
  

الورقة السابعة: 

(هذهِ لَهُ):
              لا، لا،
             لا تخرُج عَلى طينك مُبكِراً هَكذا . 
              لا تنثُر تُرابَك في أنفي!
              حَجرٌ أنا.

  *******
 نُوسوِسُ إلينا أنْ نَتجاوزَ الحَجَر .
 - انتظرونا في الطَرَفِ الأقصى مِنَ الحَليب- 
نُغادِرُنا،
نتسلّقُ- الصعود
 .. شَهْقَةً، شَهْقَةً
ثمَّ نَتَساقَطُ
 هُ/  ب / و / طً/ا
مِنْ أعلى
 الخُبز
إلى أدنى
المَاء.
-وَقَد تَأخرَ الوقتُ –
فَوْقَ رؤوسِنا غُبار الخَطايا 
تَحتَ أقدامِنا النِسيان.
هَل عادت دموعنا مِنْ مُدنِ الملح؟
هل رَحَلَت عيونهم إلى متحفِ الشَّمع؟
تُلَوِّحُ لَنا، العَتْمَة ،
بكفوفِ ظلامِها ،
نُلَّوِحُ لَها.
نورِقُ نُعاسًا خَفيفًا
تَصيرُ الروح نورًا كَثيفًا،لا يُحْتَمَل    
أقولُ:
" قِف، هُنا نَتعبّد !" ،
أسْمَعُ وَجيب تَوبته.
يَبْتَسِم، أبْتَسِم ،/
أقولُ:
" قِفْ، هُنا آخر الكَلام،

هَذِهِ القَصيدة لك أيُّها الحافِل بالتيه" . 
_________
اللوحة للفنان صلاح شاهين.  

Comments