أعراض الكتابة تبدأ،
عادةً، بتدوين اليوميّات أو المذكرات أو "البوح للورقة"، وهي أشياء لم
أمارسها، لكنّني استبدلتها منذ طفولتي بكتابة الرّسائل، وكأنّني – في اللاوعي- ربطتُ
بين فعل الكتابة وضرورة وجود القارئ، الأمر الذي يدفعني إلى مراجعة حقيقة مشاعري تجاه
أشخاص ارتبط وجودهم في حياتي بكتابة الرّسائل. يا إلهي! هل كانت حياتي الحقيقيّة هشّة
إلى درجة افتعال علاقات ومواقف، لإيجاد قارئ وجمهور لا أكثر.
فكرة كتابة اليوميّات، اقترحها عزيز؛ كتمرينٍ على الكتابة اليوميّة، وللاستفادة منها كمستودع للأفكار، ولتوثيق أحداث يوميّة قد لا تسعفني الذاكرة في استرجاعها بشكل طبيعي. ورغم التزامي بما تعهّدت به، إلا أنني اكتشفت بعد أيامٍ قليلة، أنني غير قادرة على الكتابة دون تصوّر وجود القارئ، حتى لو كان ما أكتبه مجرد يوميّات خاصّة لا قيمة لها.
وها أنذا، متورطة- وعلى رؤوس الأشهاد- بسرد طريقة إعداد "مجدرة البرغل"، وتفاصيل علاقتي بأفراد عائلتي وأصدقائي وقطتي "ميشا"، وأعراض فقر الحديد في الدّم الذي أعاني منه، وملاحظاتي حول "فيلم السّهرة"، ومشاعري تجاه تراكم "الجلي" في المطبخ، والكتب على الرفوف الخشبيّة، وداخل ملف في حاسوبي الشخصيّ، وتقديم تقرير مفصّل حول تبدّلات مزاجي البندوليّة،وصراعي الأبديّ مع الاكتئاب،و...الخ.
أن أكتب يومياتي اعتراف ضمنيّ بضرورة ردم الحاجز الذي يفصلني عنّي. أن أقرأها محاولة جريئة للوقوف أمام مرآة فور استيقاظي من نومٍ متقطّع. أن أنشرها في مدونتي يشبه أن أنقل سريري إلى الشّارع العام لتقديم عروض في الأحلام، حيث يتجمهّر المارّة؛ يضربون كفًّا بكف، ويردّدون: مسكينة. فقدت عقلها!.
Comments